هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 الشاطر خيرت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عيد مسلم




عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 14/08/2010

الشاطر خيرت Empty
مُساهمةموضوع: الشاطر خيرت   الشاطر خيرت Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2010 2:24 pm


بقلم: د. رفيق حبيب


رواية جديدة أو فصل جديد في رواية مستمرة، تُضاف إلى ملاحم البطولة والشجاعة، التي يعرفها التراث العربي والإسلامي.. هي قصة أخرى من قصص التصدي للاستبداد والفساد، وفصل من فصول البحث عن الحرية والكرامة والعزة، وصفحة من صفحات البحث عن المستقبل والنهضة؛ هي قصة خيرت الشاطر وصاحبه حسن مالك ورفقائهما، وكل فصول القصة تدور بين السجون والمصادرة والمحاكم الاستثنائية.



وكل ما في القصة استثنائي، فالشاطر خيرت شخصية استثنائية، في نضاله وإخلاصه وحماسه وإمكانياته. فهو في حد ذاته قصة لرجل الأعمال، الذي حمل مشروعًا ورسالةً، ولم يركز على جمع المال، فأصبح نموذجًا لرجل الأعمال صاحب الرسالة، وهو نموذج يتآكل كل يوم، بفعل السلطة الغاشمة، التي لا تفتح المجال إلا لكل فاسد.



وهو رجل أعمال ظل يبني نفسه، وتأتي السلطة لتهدم كل ما بناه وتصادر أمواله، فيعود يبني نفسه من جديد، ولكنه لم يترك رسالته، وتلك كانت خطيئته في نظر السلطان الجائر، فلا يوجد مكان لصاحب مال ورسالة، فقانون السلطان يحصر من يحق له العمل في مجال المال والأعمال، في أن لا تكون له رسالة ولا يكون معارضًا، ويقدم فروض الطاعة والولاء للسلطان؛ ولكن الشاطر خيرت أصر على أن يعيد بناء ما يهدمه السلطان، دون أن يترك رسالته، فظل مثالاً يزعج السلطان، ويتجاوز قانونه المستبد.



فكم من مرة يدخل الشاطر السجن من باب القوانين الاستثنائية، وهي تلك القوانين المستثناة من القانون، فهي قانون بلا قانون، وفي كل مرة يحرم الشاطر من أن يقف أمام قاضيه الطبيعي، فيصبح مثل إخوانه مستثنى من عدالة القانون، وفي كل مرة تستهدف أعماله وتصادر أمواله، وتحرم أسرته من رصيدها الذي جنته بتعب وشقاء الأجيال، فماله مستثنى من عدالة القانون أيضًا، وكل أحكام القضاء الطبيعي تنصفه، ولكنه استثنى من تنفيذ أي حكم صدر في حقه، رغم أن كل المحاكم الطبيعية تنصفه، وكل محاكم السلطان الاستثنائية تظلمه.




هي رواية الشاطر الذي يحلم بالأفضل لأمته، فيظل الحلم يلح عليه ويسيطر على وجدانه، رغم توالي المحن وكثرة السنوات التي تضيع في السجون، وما أظن أنها بسنوات ضائعة، فهي ضريبة يدفعها المجاهد من أجل تحرير أمته؛ ولكن السلطان ما زال يفرِّط في استبداده في مواجهة الشاطر وصحبه، فهو لا يريد أن ينصفهم أي قانون أو إجراء، حتى يبقى وضعهم استثناءً من كل قاعدة، فلم تطبق عليهم قواعد الإفراج المبكر، وكأن السلطان قد حدد لهم عدد سنوات السجن بقرار منه، ولا يريد أن يتراجع.



ومع كل هذه السنوات في السجن، وقد تجاوزت عقدًا من الزمان، ومع كل ما لحق بالشاطر من مصادرة لأمواله، ولكن السلطان ما زال مصرًّا، أن يبقى الشاطر في السجن.



هل هو الانتقام، أم الشعور بالخوف، أم الرغبة في انتصار زائف؟ أم كلها معًا؟ هل يظن السلطان أنه انتصر على الشاطر عندما وضعه في السجن، وكأن السلطان لم يقرأ بعد ملاحم الأبطال في تاريخ الأمة، والذين صنعوا بصمودهم أمام الظلم تاريخًا ناهضًا لأمتهم؛ ولكنها نشوة السلطة والانتصار الزائف، التي تجعل السلطان يشعر أنه قادر على تحديد مصير الناس بقرار منه، فيشعر بالسلطة الطاغية التي لا يحكمها قانون، هو شعور زائف بالنصر، عندما يحجز السلطان من شاء وراء الأسوار، ويتصور أنه يحدِّد المستقبل ويتحكم فيه، وهو لا يعرف أن من يقف وراء الأسوار، هو الذي يصنع المستقبل ويكتب التاريخ؛ ولكن السلطان لا يهتم بمصيره على صفحات التاريخ، فقد أخذته نشوة السلطة بعيدًا عن صوت العقل، فظل يكابر ولا يريد أن يتراجع، ويدفع الشاطر وأسرته ثمنًا باهظًا لعناد السلطان.



ومع الظلم المفرط الذي يتعرض له الشاطر وصحبه، يبدو السلطان وكأنه ينتقم من جماعة الإخوان المسلمين في شخصية الشاطر ومالك ومن معهما؛ فكل نصر شعبي تحققه الجماعة يؤدي إلى تغييب قيادات منها وراء الأسوار، وكأنها بهذا تدفع ثمن التفاف الناس حولها، ولم يفكر السلطان في أن يجذب الناس حوله، أو أن يفعل ما يجعله يفوز بحب الناس، أو أن يتبنى ما يوافق رؤية وقيم الناس، ولكن كل ما فعله أن أقنع نفسه أنه على صواب، والكل على خطأ، حتى الناس، كل الناس.



ويظن السلطان أنه عندما يسجن الشاطر فهو يشوه صورته وصورة جماعته أمام الناس، ولكنه يعرف قبل غيره أن الناس لم تعد تصدق السلطان، وأصبحت تثق في كل من يعاديه السلطان؛ فقد أصبح السجن في زمن السلطان المستبد وسامًا على صدر السجين، وعارًا على صدر السجان.



فالسجن في زمن السلطان الجائر وسام على صدر الشاطر ومالك وإخوانهما، ولن يؤثِّر السجن على الشاطر أو على جماعة الإخوان المسلمين، ولن يؤثر على شعبيتهم بين الناس، وحب الناس لهم. فسجن المظلوم صاحب الرسالة وسام له، وتعبير عن صدقه في حمل رسالته وإخلاصه في انتمائه لأمته، فالسلطان يعطي للشاطر وجماعته شهادة بصدق رسالتهم وأهدافهم أمام الناس.



ورغم أن السجن لا ينهي جماعة صاحبة رسالة ومشروع، إلا أن السلطان ما زال يتصور أن السجن هو وسيلته لمواجهة خصومه؛ لأنه يتصور أن له الحق في أن يقرر مصير الناس، وكأنهم رعايا تحت تصرفه، ورغم فشل كل الضربات الأمنية، والمحاكمات العسكرية، والإجراءات الاستثنائية غير العادلة، إلا أن السلطان ما زال على عناده، ويبدو وكأنه ينتقم من خصومه بتعريضهم لمحنة إنسانية تطال أسرهم، وكأنه يتصور أن تلك المعاناة الإنسانية سوف تهزمهم، وتنال من قدرتهم على الصمود، وكأنه يتصور أنه سوف يراهم وقد تركوا رسالتهم ونضالهم، ويتشفى فيهم عندما يرى الهزيمة في أعينهم؛ ولكنه يعلم أنه لن يرى هذا المشهد، وأن كل ما يفعله لن يحقق له نصرًا على من يحمل رسالة يؤمن بها. ولكنه العناد الذي تخلقه السلطة المستبدة، والتي تحول السلطان إلى نصف إله، وتجعله يتصور أنه المتحكم في كل ما حوله، وأنه قادر على صنع ما شاء.



هي لحظة غرور تنتاب السلطان من فرط السلطة التي يتمتع بها، تنسيه حق الناس والمجتمع، وتنسيه القانون والعدل، فيفرط في استخدام السلطة الظالمة، ويتجنى على حقوق الناس، ويغيب العدالة والقانون، ويتمادى في الظلم؛ فيقع كل هذا الظلم على كثرة من أبناء الوطن، ويخص الشاطر من هذا الظلم الكثير، فيصبح اسمه رمزًا لعصر تفشى فيه الظلم والفساد، ولكنه الشاطر خيرت، مثله مثل أبطال التاريخ والملاحم، يظل واقفًا صامدًا، يقدِّم المزيد من العطاء رغم كل ما يحدث معه ومع أسرته، لأنه أحب أمته ووطنه، وتلك ضريبة من أحب فأخلص، ومن أمن فصدق، ومن عمل فأجاد، في زمن الظلم والفساد والاستبداد.



ولكن صفحات التاريخ لا تنسى من ناضل من أجل أمته، كما لن تنسى أن تحاسب من ظلم أمته؛ فقانون التاريخ عادل، والظلم وإن طال ينتهي، ولكن مشكلة الظالم أنه لا يحسب حساب نهايته، كما أن المناضل لا يحسب حساب تضحياته، فالظالم يصير عبدًا للحظة النشوة بالسلطة، أما المناضل فيظل متعلقًا بالأمل في مستقبل أفضل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشاطر خيرت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: •.♥.•°¨'*·~-.¸¸,.-~ ملتقى القنطرة العام ~-.¸¸,.-~*'°•.♥.•° :: !{ موضوعات منقوله هادفه ..-
انتقل الى: