هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 يالهن دين لو ان له رجال

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو اسلام

ابو اسلام


العقرب الخنزير
عدد المساهمات : 270
تاريخ الميلاد : 27/10/1983
تاريخ التسجيل : 09/08/2010
العمر : 40

يالهن دين لو ان له رجال Empty
مُساهمةموضوع: يالهن دين لو ان له رجال   يالهن دين لو ان له رجال Icon_minitime1الخميس ديسمبر 30, 2010 11:47 pm




د. مصطفى شلبي
بقلم: د. مصطفى شلبي



يا له من دين لو أن له رجالاً، كلمة نطق بها" توماس أرنولد، وذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في مفتاح دار السعادة هذه العبارة فقال: " وكان بعض السلف يقول: يا له من دين لو أن له رجالاً".



وقد صدَّقوا بذلك قول خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم لما جاء موسم الحج في السنة العاشرة من البعثة، فاجتمعت القبائل من كل مكان، وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم قائلاً: "يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، وتملكوا بها العرب، وتذل لكم العجم، وإذا آمنتم كنتم ملوكًا في الجنة" (الطبراني وابن سعد).



فيا له من دين لو أن له رجالاً كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ومصعب بن عمير، وسعد بن معاذ، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعمر بن عبد العزيز، وبلال، وسلمان، وصهيب، والزبير، وغيرهم من الصحابة الأجلاء والتابعين رضي الله عنهم أجمعين, ويكفيهم أنهم وُلِدُوا بمكة ولم يُدفن منهم بمكة والمدينة إلا القليل، وجُلُّهم استشهدوا على أبواب الصين وأوروبا وإفريقيا.



ويا له من دين لو أن له رجالاً، مثل البخاري، ومسلم، وابن حنبل، وابن تيمية، والعز بن عبد السلام، وقطز، وابن سينا، وسيد قطب، وحسن البنا، وغيرهم ممن رفعوا لواء هذا الدين، وسلموا الراية لِمَن بعدهم ناصعة خفاقة عالية.



ويا له من دين لو أن له دولةً يؤمن رجالها حكامًا ومحكومين بمنهج هذا الدين, يعيشون في سبيله ويموتون في سبيله.



دولة تحفظ للمسلمين عقائدهم وتحمل قيمهم وتترجمها إلى نظم ومؤسسات, وتعمل على الحفاظ على هويتهم الحضارية.



دولة عصرية مدنية ذات مرجعية إسلامية, تحقق مبادئ الإسلام وقيمه من خلال نظم عصرية.



دولة تعيد الأخلاق عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع بعد أن جرَّدت الحضارة الغربية كلَّ هذه النظم من الأخلاق.



دولة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتخرج الناس من ضيق الكفر إلى رحابة الإيمان, وتقيم بينهم موازين العدل والحرية وتطلقهم خفافًا إلى ربهم خالقهم.



إننا في سعينا لإقامة هذه الدولة لا نصرُّ على نظام تاريخي بعينه؛ لأن محاولة الأجيال الإسلامية التي سبقتنا تعتبر محاولة إنسانية يعتريها الصواب والخطأ, وتحيط بها الظروف الحضارية المختلفة والضغوط الدولية المتعددة.



ويتجدد هذا التحدي الحضاري كلما جاء جيل جديد, ولا بدَّ من إدراك أننا لا نرث نظمًا ولكن نرث عقائد وقيمًا.



ونحن نملك من وسائل الحضارة المعاصرة ما يمكننا من بناء نظم أكثر فعالية، سواء في ميدان السياسة أو غيرها من النظم التي بناها أجدادنا.. ولكننا ندرك أنه من الظلم والإجحاف أن نحاكم أجدادنا بمقاييس العصر, فمهما كان النقص في النظم التي وضعها أجدادنا وبنوا عليها الدولة، ولكنها كانت بالنسبة للعصر الذي عاشوا فيه هديًا حضاريًّا عاش مئات السنين وكلُّ ما حوله ظلام في ظلام.



لا نحاكم أجدادنا وإنما نحاكم أنفسنا.. نحاكم الخاطئين منَّا والقاعدين عن القيام بدورهم نحو دينهم والمثبطين والسائرين في ركب المستشرقين الكاذبين.



ونحن نتذاكر معًا دروس الهجرة نرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد خطط لإقامة هذه الدولة في المدينة, وخططت قريش بقادة الكفر فيها أبو جهل، وأبو لهب، والوليد بن المغيرة وغيرهم؛ لمنع إقامتها, فبذلوا من فكرهم وجهدهم وأموالهم لتحقيق ذلك.



لقد كان هذا حدثًا عظيمًا ليس فحسب في تاريخ الإسلام ولكن في تاريخ البشرية, بإقامة هذه الدولة الرشيدة العادلة.



فهذه دولة تُقَام لأول مرة في الجزيرة العربية على غير نظام القبيلة, وعلى غير أساس رابطة الدم؛ حيث انصهرت طائفتا الأوس والخزرج في جماعة الأنصار, ثم انصهر الأنصار والمهاجرون في جماعة المسلمين, ثم ترابطت هذه الجماعة المسلمة مع اليهود الذين يشاركونهم الحياة المدنية إلى أمد.



وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم هذه الدولة على أسس ودعائم:



أولاً: الأساس الأول المسجد.

الأساس الثاني: إعلان الأخوة العامة بين المسلمين ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)﴾ (الحجرات).



الأساس الثالث: وضع الدستور (وثيقة المدينة) التي تضمَّنت المبادئ العامة التي تحكم شعب المدينة، وتحدد الأطر القانونية الحاكمة، وترسم صورة جديدة للدولة على نهج غير مسبوق.



فلأول مرة يحكم القانون بعد أن كان الكبار هم القانون، وهم القضاة، وهم مَن ينفذون الأحكام (واقع اليوم يسير على هذا النهج وكأنه يعيش جاهلية القرن الواحد والعشرين), الناس جميعهم سواسية أمام القاضي, الغني والفقير, الحاكم والمحكوم, يُطبق القانون العادل بصورة عادلة وبصرامة على الجميع وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أكد على هذا الأمر في ردِّه على أسامة بن زيد رضي الله عنه حين توسط للمرأة المخزومية التي سرقت حتى لا يُطبَّق عليها حدُّ السرقة، فأعلنها صلى الله عليه وسلم عالية مدوية في الآفاق: "أما بعد فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها" (من حديث رواه البخاري ومسلم).



وفي حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ- رضي الله عنه- عند ابن ماجه: "إِنَّهُ لاَ قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لاَ يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ"، ومعنى غير متعتع: إذا استطاع الضعيف أن يأخذ حقه من القوي فهذا مجتمع صالح وهذه أمة صالحة وهذا نظام صالح، إذا استطاع الضعيف أن يأخذ حقَّه من القوي وهو في أمن وأمان، يستطيع أن يدلي بحجته وأن يتكلم ويستطيع أن ينتقد أكبر مسئول فلا يوجد حصانة في الدين الإسلامي لأحد.



وقد تضمنت هذه الوثيقة عدة مبادئ:

1- اعتبار الأمة الإسلامية أمة واحدة.



2- قيام الدولة الإسلامية على الحق ونصرته وقبول جوار الآخر وحمايته وضمان حرية العقيدة ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)﴾ (الكافرون6) وقضى على قانون فرعون ﴿قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)﴾ (الشعراء 29).



3- المساواة العامة بين المسلمين وسيادة القانون.



4- المرجعية العليا لله ورسوله؛ حيث أقرت الوثيقة (كل ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عزَّ وجلَّ وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم)، إذًا فمرجعية الدولة هي الإسلام.



5- احترام حقوق الإنسان وتكريمه, حقه في الاعتقاد, حقه في البقاء في وطنه آمنًا, وحقه في الخروج والسفر والتنقل، وهو آمن ما دام ملتزمًا بالقانون, فقد نصت الوثيقة على (مَن خرج من المدينة آمن, ومَن قعد آمن, إلا مَن ظلم وأثم).



الأساس الرابع: تأسيس السوق الإسلامية.



الأساس الخامس: تكوين وبناء الجيش الإسلامي.



وبعد إقامة هذه الدولة على أكتاف رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه, رجال رباهم النبي صلى الله عليه وسلم على مدار ثلاثة عشر عامًا بمكة قبل الهجرة، فأساس الدولة الصالحة الفرد الصالح.



وما زالت هذه الدولة تنشر عدلها وقيمها الحضارية شرقًا وغربًا حتى وصلت إلى قلب أوروبا, وشرق آسيا وشمال إفريقيا, فأقيمت للإسلام دولته العالمية التي ما نزل القرآن إلا لإقامتها؛ لتحقق للإنسان السعادة في الدارين الدنيا قبل الآخرة ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)﴾ (الأنبياء107).



هذه الدولة الإسلامية التي:

- من سماتها وأسسها ما قاله أول خليفة للمسلمين أبو بكر رضي الله عنه "أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".



- ومن سماتها أنها أول دولة تعلن الحرب من أجل حقوق الفقراء "والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم فيه".



- ومن سماتها ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا".



- ومن سماتها حينما صاحت المرأة المسلمة (وامعتصماه) وهي في أيدي الروم فأجابها المعتصم خليفة المسلمين (أبو إسحاق محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور) وهو على سريره لما بلغه النداء: "لبَّيكِ لبَّيكِ"، ونادى بالنفير العام، ونهض من ساعته وكان ذلك سببًا لفتح عمورية مسقط رأس عظيم الروم.



- وأيضًا لما استغاثت امرأة مسلمة وقعت في أسر الروم وصاحت: وإسلاماه.. وإسلاماه، فانتفض ألب أرسلان من مجلسه وصاح: لبيك يا أختاه.. لبيك يا أختاه. وسار من فوره على رأس عشرة آلاف مقاتل إلى بلاد الروم، فتصدى له الإمبراطور (رومانوس الرابع) يقود جيشًا عرمرمًا يزيد على مائة ألف مقاتل، والتقى الجيشان في (ملاذ كرد)، ودار بينهما قتال عنيف وتلاحم بالسلاح لم يشهد التاريخ له مثيل، وانجلت المعركة عن هزيمة جيش الروم وأسر الإمبراطور الذي لم يفك أسره إلا بعد أن فدى نفسه (بمليون ونصف) دينار.



- من سماتها ورمزيتها أن الحاكم والمسئول أجير عند الأمة والمسئولية تكليف لا تشريف، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ولينا على الناس لنسد لهم جوعتهم ونوفر لهم حرفتهم، فإن عجزنا عن ذلك اعتزلناهم".



فهي دولة لا تلجئ أفرادها إلى العمل جواسيس لأعدائها.



- من سماتها ورمزيتها أنها دولة تسعى لتحقيق مقاصد الشريعة الخمس (حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال)؛ لتحقيق السعادة الحقيقية للناس، كلِّ الناس.



- من سماتها حرية العقيدة وحقوق المواطن الكاملة ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)﴾ (الكافرون), "لهم ما لنا وعليهم ماعلينا".



- ومن سماتها التقدم العلمي والحضاري الهائل الذي لم تعرفه البشرية آنذاك، وتتلمذت أوروبا في مدارس هذه الحضارة في الوقت الذي كانت أوروبا تستظل بظلِّ الجهل والتخلف تحت حكم الكنيسة.



ولكن تكالبت على هذه الدولة المكائد من قِبَل أعداء الإسلام، وتخلَّى المسلمون عن منهجهم الإسلامي؛ فتحولت من ضعف إلى ضعف حتى سقطت في بداية القرن الماضي بآخر معاقلها بسقوط الخلافة العثمانية, وبسقوطها سقطت هيبة الأمة وزالت عنها عزتها وكرامتها, وصدق عمر بن الخطاب حين قال: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله".



ولا يزال أعداء الإسلام والكارهون لما أنزل الله يبذلون كلَّ غالٍ ورخيص؛ ليحولوا بين الإسلام ومنهجه وبين أن يحكم وأن تقوم له دولة من جديد تحت مسميات عدة ودعاوى باطلة شتى تلصق بالإسلام ما ليس فيه وما لا علاقة له به, تُحمِّل الإسلام ومنهجه خطايا غيره من المناهج, فتارة يرفعون دعوى (لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين) وتارة يرفعون دعوى (فصل الدين عن الدولة).



وقد بنى هؤلاء الكارهون لِمَا أنزل الله حربهم ضدَّ قيام دولة للإسلام يحكم فيها بمنهج الله وشريعته على مصدرين وكتابين, أحدهما للشيخ علي عبد الرازق وهو كتاب (الإسلام وأصول الحكم) 1925م, يقرر فيه المفاهيم الغربية عن الدين عامة, وعن الإسلام خاصة, وأنه رسالة لا حكم ودين لا دولة, وقد كان الكتاب نقلاً مباشرا لآراء المستشرقين الكذبة, وقد عاد الشيخ إلى الحق, وقد أدرك عمق الهاوية التي ساقه إليها المستشرقون الكذبة, فقد نشرت صحيفة (السياسة) على لسانه في عددها الصادر بتاريخ: سبتمير 1925م, أي بعد صدور الكتاب بأشهر معدودة، وجاء في كلامه (إن الإسلام دين تشريعي, وأنه يجب على المسلمين إقامة شرائعه وحدوده, وإن الله تعالى خاطب المسلمين في القرآن بذلك) ثم كتب مقال بعنوان (تعليق على مقال: الاجتهاد في نظر الإسلام) في مجلة (رسالة الإسلام) تعليقًا على حوار دار بينه وبين الدكتور أحمد أمين, ونُسب إليه أنه قال: إن رسالة الإسلام روحانية فقط, يقول إن فكرة روحانية الإسلام لم تكن رأيًا لي– وإنني رفضت رفضًا باتًا أن يكون ذلك رأيًا, وقد رفض الشيخ رحمه الله طباعة الكتاب مرة أخرى, ولكنَّ الكارهين لما أنزل الله والواقعين في حبال المستشرقين, أعادوا طباعته من جديد في السبعينيات، فقامت أسرة الشيخ برفع قضية على الناشر؛ لأن الشيخ كان عازفًا عن إعادة طباعته.



والكتاب الثاني (من هنا نبدأ) 1369هـ - 1950م للشيخ خالد محمد خالد رحمه الله, وكان عنيفًا وشديدًا في مهاجمة (الحكم الإسلامي) مبدأً وتطبيقًا, ولكن الشيخ رجع إلى الحق بصراحة ووضوح, فكتب مقالاً في جريدة (الأخبار القاهرية) بتاريخ 9 من رمضان 1397 هـ أغسطس 1977م بعنوان (دين ودولة وعبادة وخلافة) والذي قال فيه: "يبدوا أنني في كتابي من هنا نبدأ كنت متأثرًا بتصور مسيحي عن الحكومات الدينية, لا سيما التي قامت تحت ظل الكنيسة في أوروبا في عصور الظلام, ناسيًا يومها أن الإسلام مختلف جدًّا, وأن الدولة بشكلها وبمضمونها كانت تعنيه إلى أبعد مدى, وأنه خاطبها بمسئولياتها, كما خاطب الفرد والجماعة بمسئولياتهما, وفي الإسلام بالذات لا يمكن عزل الدين عن الدولة، إلا إذا أمكن عزل الدين عن الدين".



ثم كتب رحمه الله كتابًا كان فيه أكثر وضوحًا وتحديدًا للتنكر من كتابه (من هنا نبدأ) أسماه ( الدولة في الإسلام) دار ثابت للنشر والتوزيع, وطبع الكتاب في حياته رحمه الله عدة طبعات, يقول في الكتاب (في عام 1950م صدر أول كتاب لي وكان عنوانه (من هنا نبدأ) وذهبت فيه إلى أن الإسلام دين لا دولة, وأنه ليس في حاجة إلى أن يكون دولة.. وذهبت أعدد ما أسميته غرائز الحكومات الدينية وكان خطئي أنني عممت الحديث حتى شمل الحكومات الإسلامية.. وهكذا أخذت خصائص ونقائص الحكم (الأوثوقراطي) الديكتاتوري, وخلعته على ما أسميته (الحكومة الدينية).



وأود أن أشير إلى أن تسمية الحكومة الإسلامية بالحكومة الدينية فيه تجنٍ وخطأ، فعبارة الحكومة الدينية لها مدلول تاريخي, بعد الحرب الجامحة التي شنتها الكنيسة الجاهلة على طلائع ورواد عصر النهضة الأوروبية, والتي انتهت كما هو معروف بانتصار العلم على الجهل, وعزل الكنيسة عن ميدان السياسة والحكم، بل بفصل الدين عن الدولة وإعطائه مصطلحًا خطيرًا جديدًا وهو أنه علاقة شخصية بين الفرد وربه, ولا شأن له بالسياسة أو شئون الحياة الدنيوية.



وكان هذا له مبرراته المتمثلة في الاضطهاد الوحشي الذي صبَّه رجال الكهنوت المسيحي في العصور الوسطى على المفكرين والعلماء، ومن ثَمَّ كان عزل الكنيسة ودينها الزائف, ضرورة حياة وحضارة تحرَّرت به أوروبا من الأغلال والأصفاد, لتنطلق في مدارج الرقي المادي بلا دين، إلا دين الإلحاد والملذات الذي دمرت به القيم العليا.



ولكن الأمر في الإسلام يختلف عن ذلك تمامًا, إذ لم يعرف أيًّا من الظروف التاريخية والموضوعية التي نُكِب بها الغرب، فالإسلام ومنهجه بريء من هذه الفرية وهذا الاتهام.



فما أحوج المسلمين اليوم لهذه الدولة!, بل ما أحوج البشرية جميعًا لهذه الدولة كي يسترد العالم أمنه واستقراره بعد معاناة من تسلط وتحكم الأنظمة الديكتاتورية الظالمة والفاسدة!.



ونحن نوقن أن المستقبل للإسلام ودولته, ولكنها لن تقوم إلا كما قامت في أول عهدها على أكتاف رجال مخلصين متجردين لله, فهل نكون من هؤلاء؟, هل نستحق أن ننال شرف اصطفاء الله لنا أن نكون من الرجال الذين ينصر الله بهم دينه ويقيم على أكتافهم هذه الدولة التي يستعيدون في ظلها عزتهم وكرامتهم؟, نرجو أن نكون.

-------

المراجع:

1- كتاب فكر التنوير بين العلمانيين والإسلاميين / للدكتور محمد عمارة ص 35- 38 دار الصحوة 1416 هجرية.



2- كتاب الإسلام وأصول الحكم في الميزان / للدكتور محمد رجب البيومي ص 62.



3- كتاب مقدمات جديدة في مشروعات البعث الحضاري / للدكتور سيد دسوقي حسن، الناشر (المركز الحضاري للدراسات المستقبلية).



4- كتاب الدولة في ظل الإسلام /للدكتور عبد الستار فتح الله سعيد الناشر (شركة منارات).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
يالهن دين لو ان له رجال
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: •.♥.•°¨'*·~-.¸¸,.-~ ملتقى القنطرة العام ~-.¸¸,.-~*'°•.♥.•° :: !{ موضوعات منقوله هادفه ..-
انتقل الى: